قصص من حياة تشارلز داروين

تُعد حياة تشارلز داروين، عالم الطبيعة الإنجليزي الذي أحدثت أعماله ثورة في فهمنا للحياة على الأرض، نسيجًا غنيًا من المغامرات الفكرية، والنضال الشخصي، والتفاني العلمي الدؤوب. لتقديم إطار زمني واضح للروايات والأحداث التي سيتم استعراضها، يوفر الجدول التالي تسلسلاً زمنيًا لأبرز المحطات في حياته وأعماله.

الجدول 1: تسلسل زمني لحياة وأعمال تشارلز داروين

 

التاريخ	الحدث في حياته	الإنجاز العلمي/المنشور
1809	وُلد في 12 فبراير في شروزبري، إنجلترا.1
1817	وفاة والدته، سوزانا داروين.2
1818-1825	التحق بمدرسة شروزبري كطالب داخلي.2
1825-1827	درس الطب في جامعة إدنبرة.2
1828-1831	التحق بكلية المسيح، كامبريدج، لدراسة الآداب.2
1831	حصل على درجة البكالوريوس في الآداب.2
1831-1836	سافر حول العالم كعالم طبيعة على متن سفينة “إتش إم إس بيغل”.2
1835	زار جزر غالاباغوس في سبتمبر وأكتوبر.6
1839	تزوج من ابنة عمه، إيما ويدجوود، في 29 يناير.1	نشر “يوميات أبحاث في الجيولوجيا والتاريخ الطبيعي” (المعروف لاحقًا باسم “رحلة البيغل”).2
1842	انتقل مع عائلته إلى “داون هاوس” في كينت.2	كتب “مسودة” من 35 صفحة لنظريته في التطور.2
1851	وفاة ابنته آني عن عمر يناهز عشر سنوات.2
1858	تلقى مقالًا من ألفرد راسل والاس يوجز نظرية مماثلة.11	قُدمت أوراقه مع ورقة والاس في الجمعية اللينية في لندن.13
1859		نشر “عن أصل الأنواع” في 24 نوفمبر.1
1871		نشر “نشأة الإنسان، والانتخاب فيما يتعلق بالجنس”.2
1872		نشر “التعبير عن العواطف لدى الإنسان والحيوان”.2
1881		نشر “تكوين القالب النباتي من خلال فعل الديدان”.10
1882	توفي في 19 أبريل في “داون هاوس” ودُفن في كنيسة وستمنستر.1

 

1. عالم الطبيعة غير الواعد: صياغة عالم في شروبشاير والأوساط الأكاديمية

1.1 إرث من الفكر الحر والامتيازات

تكشف قصص من حياة تشارلز داروين عن ولادته في بيئة فريدة من الناحية الفكرية والاجتماعية في 12 فبراير 1809.1 فقد نشأ في شروبشاير بإنجلترا، محاطًا بإرثين فكريين هائلين: جده لأبيه، إراسموس داروين، الطبيب والشاعر الذي طرح أفكارًا تطورية أولية، وجده لأمه، جوزايا ويدجوود، الصناعي الرائد والمناهض للعبودية.11 هذا الإرث المزدوج لم يوفر له الثروة والراحة فحسب، بل غرس فيه أيضًا جوًا من الفضول الفكري والفكر الحر، الذي تأثر بشدة بالخلفية التوحيدية لعائلته.11 شكلت وفاة والدته، سوزانا، عندما كان في الثامنة من عمره حدثًا محوريًا في طفولته، حيث تولت شقيقاته الأكبر سنًا رعايته بعد ذلك.1

من بين أروع قصص من حياة تشارلز داروين نجد المفارقة في إرثه الفكري؛ فعلى الرغم من أنه ورث إرثًا علميًا ثوريًا من جده إراسموس، الذي سبق عصره بأفكاره التطورية في كتابه “زونوميا”، بدا أن تشارلز الشاب يتجاهل هذا الإرث أو لا يتأثر به في سنواته الأولى.3 لم تكن هذه علاقة مباشرة من التوجيه والإرشاد، بل كانت أشبه بتأثير خفي. فبينما كانت اهتمامات داروين المبكرة عملية وملموسة، تتمثل في جمع الخنافس والعملات والمعادن، وليس في التنظير الفلسفي الكبير، فإن البيئة التي نشأ فيها جعلت الأفكار الراديكالية ممكنة التفكير فيها.1 وعندما أشاد معلمه روبرت غرانت في إدنبرة بأفكار لامارك، وبالتالي أفكار جده، كان رد فعل داروين هو “الدهشة” من هذه الجرأة، وليس الاعتراف بتقليد عائلي.19 هذا يوضح أن رحلته كانت رحلة اكتشاف مستقلة، وليست مجرد تحقيق لمصير عائلي محتوم.

1.2 “الفتى العادي”: رفض المسار التقليدي

تُظهر قصص من حياة تشارلز داروين مسيرته الأكاديمية الباهتة، والتي كانت مصدر قلق كبير لوالده. ففترة دراسته في مدرسة شروزبري وُصفت بالفشل، حيث كره المناهج الكلاسيكية القائمة على الحفظ، وأطلق عليه زملاؤه لقب “غاز” بسبب تجاربه الكيميائية في سقيفة الحديقة.3 كان والده، الدكتور روبرت داروين، شخصية مهيبة، وقد يئس من ابنه الذي بدا له شابًا عاطلاً لا يهتم إلا “بالصيد والكلاب وصيد الجرذان”.3 وصل الأمر بوالده إلى أن وبخه قائلاً: “ستكون عارًا على نفسك وعلى عائلتك بأكملها”.20 هذا الصراع بين شغفه الشخصي العميق بالطبيعة والتوقعات العائلية والمجتمعية شكل الصراع المركزي في شبابه، ودفعه للبحث عن مسار خاص به.

إن ما يبدو وكأنه “فشل” في التعليم الرسمي كان في الواقع تمردًا مثمرًا قاده إلى تعليم ذاتي أكثر حداثة وفعالية، وهي حقيقة أساسية في قصص من حياة تشارلز داروين. في كل مرحلة من مراحل تعليمه، رفض داروين المناهج التقليدية وسعى وراء المعرفة العملية والتفكير الحديث. ففي مدرسة شروزبري، تجاهل الأدب الكلاسيكي لصالح الكيمياء.3 وفي جامعة إدنبرة، تجنب المحاضرات الطبية المملة والجراحة الوحشية التي كانت تُجرى دون تخدير، ليتعلم بدلاً من ذلك تحنيط الطيور على يد جون إدمونستون، وهو عبد محرر، ويدرس اللافقاريات البحرية مع المفكر الراديكالي روبرت غرانت.16 وفي كامبريدج، حيث كان من المفترض أن يصبح قسًا، قضى وقته في جمع الخنافس وتنمية علاقة وثيقة مع عالم النبات جون ستيفنز هنسلو.11 في كل مرة، كان يرفض نظامًا تعليميًا جامدًا لم يواكب احتياجات عالم طبيعة ناشئ، مما يثبت أن صراعاته الأكاديمية لم تكن دليلاً على نقص فكري، بل على أنه كان سابقًا لعصره.

1.3 العثور على قبيلته: الموجهون وهوس الخنافس في كامبريدج

بعد تجربته المخيبة للآمال في إدنبرة، حيث اعتبر عدم تعلمه للتشريح “شرًا لا يمكن إصلاحه”، أرسله والده إلى كلية المسيح في كامبريدج ليصبح قسًا أنجليكانيًا.16 ورغم أنه استمر في الاستمتاع بحياة الريف الرياضية، أثبتت كامبريدج أنها نقطة التحول في حياته، وهي مرحلة حاسمة في قصص من حياة تشارلز داروين. هناك، أقام صداقة عميقة مع الأستاذ جون ستيفنز هنسلو، الذي أدرك شغفه بالعلوم الطبيعية ورعاه، ومع الأستاذ آدم سيدجويك، الذي علمه أساسيات الجيولوجيا.4 أصبح هوسه بجمع الخنافس، الذي أدى إلى نشر أول أعماله المطبوعة، تعبيرًا ملموسًا عن دافعه العلمي.11 وفي النهاية، كان هنسلو هو من قدم له “عرض العمر”: منصب عالم الطبيعة على متن سفينة “إتش إم إس بيغل”.1

إن الفرصة التي غيرت مجرى حياته – رحلة البيغل – لم تكن نتيجة تفوقه الأكاديمي، بل كانت ثمرة موهبته في بناء علاقات شخصية مع موجهين رئيسيين، وهذا جانب مهم في قصص من حياة تشارلز داروين. كان سجله الأكاديمي في كامبريدج متواضعًا، حيث حصل على درجة عادية وكان ترتيبه العاشر من بين 178 مرشحًا، وهو ما لا يؤهله عادةً لمنصب مرموق.2 ومع ذلك، فقد أصبح “التابع المخلص” والصديق المقرب لهنسلو، وهي علاقة بنيت على الشغف المشترك وليس على الأداء الأكاديمي.11 جاء عرض رحلة البيغل مباشرة من خلال هنسلو، الذي كان الخيار الأول للمنصب لكنه اضطر لرفضه.24 وعندما اعترض والد داروين في البداية على الرحلة، كان خاله، جوزايا ويدجوود الثاني، هو من أقنعه بالموافقة.24 يوضح هذا أن مسار داروين المهني قد تم تمهيده بفضل مهاراته الاجتماعية ورأس ماله الاجتماعي داخل دائرة أكاديمية وعائلية نخبوية، مما يكشف عن الدور الحاسم للعلاقات الشخصية في عالم العلوم في القرن التاسع عشر.

للإطلاع على تحليل كتاب أصل الأنواع لتشارلز داروين

2. العالم كمختبر: رحلة سفينة “إتش إم إس بيغل

2.1 مسافر غير متوقع وبداية قاسية

تبدأ هذه المرحلة المحورية من قصص من حياة تشارلز داروين مع إبحار سفينة “إتش إم إس بيغل” في 27 ديسمبر 1831.2 كان داروين يبلغ من العمر 22 عامًا، وقد انضم إلى الرحلة كعالم طبيعة نبيل يمول رحلته بنفسه، ورفيق للقبطان المتقلب المزاج روبرت فيتزروي.10 منذ البداية، واجه داروين تحديًا شخصيًا هائلاً: دوار البحر المزمن و”المعذب”، الذي لازمه طوال الرحلة التي استمرت قرابة خمس سنوات.16 هذه المعاناة الجسدية المستمرة شكلت خلفية لرحلة تميزت بالإثارة الفكرية والألم الجسدي العميق، مما يمهد الطريق لتحول فكري عميق.

2.2 قراءة السيرة الذاتية للأرض في أمريكا الجنوبية

تُعد هذه الفترة من قصص من حياة تشارلز داروين بمثابة تعليمه الجيولوجي الميداني. مسلحًا بكتاب تشارلز لايل “مبادئ الجيولوجيا”، بدأ داروين يرى الأرض ليس كخلق ثابت، بل كنظام ديناميكي قديم يتغير باستمرار.11 من بين أبرز ملاحظاته كانت رؤية طبقات من الأصداف البحرية على ارتفاعات شاهقة في صخور جزر الرأس الأخضر، مما دفعه إلى التكهن بارتفاع وانخفاض اليابسة.26 لكن التجربة الأكثر تأثيرًا كانت مشاهدته لزلزال مدمر في تشيلي، ثم العثور على طبقات من بلح البحر الميت فوق مستوى المد العالي، مما قدم دليلاً حيًا لا يمكن إنكاره على نظريات لايل، وأجبر داروين على البدء في التفكير بمصطلحات “الزمن السحيق”.26

إن الثورة البيولوجية التي أحدثها داروين لم تكن ممكنة لولا الثورة الجيولوجية التي مر بها أولاً، وهذا هو جوهر هذه المرحلة من قصص من حياة تشارلز داروين. كان عليه أن يتقبل فكرة الأرض القديمة المتغيرة ببطء قبل أن يتمكن من تصور حياة قديمة متغيرة ببطء. قبل رحلته، كانت النظرة السائدة هي أن الأرض حديثة وتشكلت بفعل كوارث طبيعية. كتاب لايل، الذي قرأه داروين خلال الرحلة، قدم نموذجًا بديلاً لأرض قديمة تشكلت بفعل نفس القوى البطيئة والتدريجية التي نراها اليوم.11 ملاحظات داروين الشخصية – من طبقات الأصداف المرتفعة إلى آثار الزلزال التشيلي – أكدت بشكل مباشر نموذج لايل الجيولوجي.26 هذا القبول بالزمن الجيولوجي الهائل كان شرطًا أساسيًا لنظريته اللاحقة؛ فالتطور بالانتخاب الطبيعي يتطلب فترات زمنية شاسعة ليعمل. بدون جيولوجيا لايل، لم تكن بيولوجيا داروين لتجد أساسًا زمنيًا تقوم عليه.

2.3 أصداء عالم مفقود: الأحافير و”لغز الألغاز”

تروي قصص من حياة تشارلز داروين اكتشافاته المثيرة للأحافير في باتاغونيا. في مواقع مثل بونتا ألتا، عثر على عظام ضخمة لثدييات عملاقة منقرضة مثل الميغاثيريوم والغليبتودون.6 ما أذهله هو أن هذه المخلوقات المنقرضة كانت تشبه بشكل غريب حيوانات المدرع والكسلان الأصغر حجمًا التي تعيش في نفس المنطقة.27 أثار هذا التشابه أسئلة عميقة: لماذا تنقرض الأنواع؟ ولماذا ترتبط الأشكال المنقرضة والحية في نفس الموقع الجغرافي بصلة قرابة واضحة؟ كان هذا هو “لغز الألغاز” الذي بدأ يؤرقه ويشغل تفكيره، ويضع البذور الأولى لنظريته المستقبلية.26

 

2.4 الرحلة الأخلاقية: مواجهة العبودية و”الإنسان المتوحش”

لم تكن الرحلة مجرد استكشاف علمي، بل كانت أيضًا رحلة تعليمية أخلاقية وأنثروبولوجية عميقة، وهي من أهم قصص من حياة تشارلز داروين. تأثر داروين بشدة وشعر بالاشمئزاز من العبودية التي شهدها في البرازيل، وهو موقف تشكل بفضل خلفية عائلته القوية المناهضة للعبودية.26 كما أن لقاءاته المقلقة مع السكان الأصليين لأرض النار، بما في ذلك الفويغيين الذين كان فيتزروي يعيدهم بعد فترة قضوها في إنجلترا، أجبرته على مواجهة الفجوة الهائلة بين “الإنسان المتوحش والمتحضر” والتساؤل عن طبيعة الإنسانية نفسها.26 لم تكن هذه التجارب هامشية، بل كانت محورية في تشكيل تفكيره اللاحق حول أصل مشترك واحد لجميع الأجناس البشرية.

3. أرخبيل الاكتشاف: غالاباغوس ونشأة فكرة

3.1 عالم مصغر

يمثل وصول داروين إلى جزر غالاباغوس في سبتمبر 1835 نقطة تحول حاسمة في قصص من حياة تشارلز داروين. دخل عالمًا غريبًا، بركانيًا ومعزولًا، حيث بدت الحياة وكأنها تتبع قواعد مختلفة.6 كانت انطباعاته الأولية عن المشهد قاسية و”جهنمية”، حيث ركز في البداية على دراسة الأصول البركانية للجزر كجيولوجي.6 لم تكن الأهمية البيولوجية الهائلة للمكان واضحة له على الفور، بل تكشفت ببطء من خلال سلسلة من الملاحظات التي بدت غير مترابطة في البداية، لكنها شكلت معًا لغزًا سيقضي بقية حياته في حله.

3.2 أدلة في الأصداف والمناقير

تتضمن قصص من حياة تشارلز داروين في غالاباغوس ملاحظات أصبحت أسطورية. بدأت الأدلة تتجمع مع ملاحظة نائب الحاكم، نيكولاس لوسون، العابرة بأنه يستطيع تحديد الجزيرة التي تنتمي إليها أي سلحفاة عملاقة بمجرد النظر إلى شكل صدفتها، وهي معلومة حاسمة لم يقدرها داروين تمامًا في ذلك الوقت.7 ثم جاء دور الطيور. فبينما اشتهرت العصافير لاحقًا، كانت طيور المحاكي هي التي أثارت شكوكه أولاً، حيث لاحظ أنها ليست مجرد أنواع مختلفة، بل أنواع متميزة على كل جزيرة.30 كما جمع العصافير الشهيرة، ملاحظًا التدرج في أحجام وأشكال مناقيرها، لكنه ارتكب خطأً فادحًا بعدم تسجيل الجزيرة التي جمع منها كل عينة، وهو خطأ سيعقد عمله لاحقًا.26

إن “لحظة غالاباغوس” الشهيرة هي إلى حد كبير أسطورة بنيت بأثر رجعي، وهو ما تكشفه قصص من حياة تشارلز داروين الحقيقية. لم يكن اكتشافه ومضة إلهام مفاجئة في الجزر، بل كان عملية تحليل بطيئة ومضنية في إنجلترا، أعاقتها أخطاؤه الرصدية الأولية. فبينما تركز الرواية الشعبية على العصافير، تظهر السجلات أنه كان مهتمًا في البداية بطيور المحاكي.30 والأهم من ذلك، أنه فشل في تصنيف عيناته من العصافير حسب الجزيرة، وهو إغفال كبير لنظرية تعتمد على العزلة الجغرافية.26 لم تتضح له الأبعاد الكاملة لاكتشافه إلا بعد عودته، عندما فحصه عالم الطيور جون غولد وأبلغه بأن مجموعته لا تحتوي على تنوعات، بل على أنواع متعددة ومتميزة من العصافير وطيور المحاكي.32 هذا يكشف أن الاكتشاف العلمي ليس لحظة بطولية واحدة، بل عملية فوضوية وتعاونية تشمل العمل الميداني والأخطاء والتحليل الحاسم من قبل المتخصصين، مما يجعل القصة أكثر إنسانية وتعكس بشكل أدق كيفية عمل العلم.

4. حكيم “داون هاوس”: حياة من العائلة والتجربة والعزلة

4.1 من لندن إلى الريف

بعد عودته إلى إنجلترا عام 1836، أمضى داروين عدة سنوات مثمرة ولكن مرهقة في لندن، وهي فترة انتقالية مهمة في قصص من حياة تشارلز داروين.10 تزوج من ابنة عمه الأولى، إيما ويدجوود، عام 1839، في زواج كان شراكة فكرية وعاطفية عميقة.1 لكن ضجيج المدينة وتلوثها الشديد، بالإضافة إلى تدهور صحته، دفعاه للبحث عن ملاذ هادئ. في عام 1842، اتخذ هو وإيما قرارًا مصيريًا بالانتقال إلى “داون هاوس” في ريف كينت، بحثًا عن مكان هادئ لتربية أسرتهما المتنامية، وليتمكن تشارلز من إدارة مرضه المزمن ومواصلة أبحاثه بعيدًا عن صخب الحياة العامة.9

4.2 حياة من الروتين الدقيق

في “داون هاوس”، نظم داروين حياته وفقًا لروتين صارم ومنظم، وهو ما ترويه قصص من حياة تشارلز داروين كما ذكرها ابنه فرانسيس.33 كان يومه مقسمًا بدقة: جولات مشي في الصباح الباكر، فترات عمل محددة في دراسته، استراحة منتصف الصباح للاستماع إلى إيما وهي تقرأ الروايات، ثم جولة مشي أخرى بعد الظهر على “الممر الرملي” الخاص به، وأمسيات يلعب فيها طاولة الزهر مع زوجته.33 لم يكن هذا الروتين مجرد عادة، بل كان آلية دفاعية لإدارة مرضه المزمن وتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية الفكرية في الساعات القليلة التي كان يشعر فيها بصحة جيدة.

لم يكن داروين مجرد ساكن في “داون هاوس”؛ بل تطور معه في علاقة تكافلية، وهو ما يميز قصص من حياة تشارلز داروين في هذه الفترة. لقد شكل بيئته المادية والفكرية لتكون المختبر المثالي والمعزول لعمله، وفي المقابل، مكنته هذه البيئة من التركيز بشكل فريد. فبمجرد انتقاله هربًا من ضغوط لندن، بدأ في تعديل العقار، حيث بنى دفيئات زراعية وأنشأ “الممر الرملي” لجولاته الفكرية اليومية.9 أصبح المنزل بأكمله مختبره: حديقته لتجارب النباتات، ودراسته لتشريح البرنقيل، وحتى أطفاله كمواضيع لمراقبة التعبيرات العاطفية.10 تظهر هذه العلاقة المتبادلة أن المنزل لم يكن مجرد خلفية لأعماله، بل كان أداة أساسية وشريكًا في عمليته العلمية، مما سمح له بإنتاج أعماله التي غيرت العالم.

4.3 المنزل كمختبر: الحمام، البرنقيل، والأطفال

تحول “داون هاوس” إلى مركز للثورة العلمية، حيث تكشف قصص من حياة تشارلز داروين عن تجارب غير عادية أجريت داخل جدرانه. قضى ثماني سنوات مضنية في دراسة البرنقيل، وهو عمل استغرق وقتًا طويلاً لدرجة أن أحد أطفاله سأل صديقًا له: “أين يقوم والدك ببرنقيله؟”.11 كما أجرى تجارب على تربية الحمام، حيث خالط مربي الحمام من الطبقة العاملة واستخدم التنوع المذهل في سلالات الحمام كقياس قوي لعملية الانتخاب في الطبيعة.32 كانت عائلته جزءًا لا يتجزأ من هذا العمل، حيث ساعده أطفاله في تجارب مثل تشغيل الموسيقى للديدان أو تتبع مسار طيران النحل.34 حتى ملاحظاته الدقيقة لتطور أطفاله، وخاصة ابنه البكر ويليام، كانت جزءًا من أبحاثه حول الغريزة والتعبير العاطفي.38

4.4 قلب المنزل: إيما وألم الفقد

في قلب قصص من حياة تشارلز داروين تكمن حياته العاطفية العميقة. كان زواجه من إيما شراكة فكرية وعاطفية قوية، على الرغم من قلقها بشأن الآثار المترتبة على نظرياته على إيمانهما المشترك.5 لكن القصة الأكثر إيلامًا في حياتهما كانت الموت المأساوي لابنتهما الحبيبة آني البالغة من العمر عشر سنوات في عام 1851.2 حطم هذا الحدث ما تبقى من إيمان داروين المسيحي، ودفعه نحو نظرة طبيعية بحتة لعالم مليء بالجمال والنضال الوحشي على حد سواء. كان هذا الألم الشخصي جزءًا لا يتجزأ من رحلته الفكرية، مما عمق فهمه لواقع الطبيعة القاسي الذي كانت نظريته تسعى لشرحه.

5. الثوري المتردد: تأخير العشرين عامًا وورقة والاس

5.1 نظرية في الدرج

تستكشف قصص من حياة تشارلز داروين أحد أكثر الألغاز إثارة في حياته: لماذا انتظر عقدين من الزمن لنشر نظريته الثورية. فبحلول 1837-1839، بعد فترة وجيزة من عودته على متن البيغل، كان قد صاغ الخطوط العريضة لنظريته في التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي.13 وفي عام 1842، كتب “مسودة” من 35 صفحة، تبعها بمقالة أطول من 230 صفحة في عام 1844، والتي أعطاها لزوجته مع تعليمات بنشرها في حالة وفاته المفاجئة.2 وعلى مدى العقدين التاليين، لم يشارك أفكاره الراديكالية إلا مع عدد قليل من المقربين مثل جوزيف هوكر وتشارلز لايل، بينما ركز علنًا على أبحاثه في الجيولوجيا والبرنقيل.13

5.2 الخوف من “جريمة”: أسباب التأخير

كان تردد داروين الطويل موضوعًا رئيسيًا في قصص من حياة تشارلز داروين، وهو ما عبر عنه في تعليقه الشهير بأن الاعتراف بآرائه كان “مثل الاعتراف بجريمة قتل”.16 كانت الأسباب معقدة ومتعددة الأوجه: حذره العلمي الشديد ورغبته في جمع جبل من الأدلة التي لا يمكن دحضها؛ خوفه من رد الفعل العنيف من الجمهور والمؤسسات الدينية، خاصة بعد أن رأى الجدل الذي أثارته أعمال مثل “آثار التاريخ الطبيعي للخلق” 40؛ وتردده العميق في التسبب بالألم لزوجته المتدينة، إيما. كان يدرك تمامًا أن نظريته ستزعزع أسس النظرة العالمية الفيكتورية، وكان يفضل تجنب المواجهة لأطول فترة ممكنة.

للإطلاع على رحلة داروين على سفينة البيغل

5.3 صدمة من المجهول: ألفرد راسل والاس

وصلت ذروة هذه الفترة من قصص من حياة تشارلز داروين في يونيو 1858، عندما تلقى رسالة غيرت كل شيء.11 كانت الرسالة من ألفرد راسل والاس، عالم طبيعة يجمع العينات في أرخبيل الملايو.11 أرفق والاس مقالاً بعنوان “حول ميل الأصناف إلى الابتعاد إلى أجل غير مسمى عن النوع الأصلي”، والذي لدهشة داروين، لخص نظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي بشكل مطابق تقريبًا لنظريته.43 أصيب داروين بالرعب، وكتب إلى لايل: “لم أر قط تطابقًا أكثر إثارة… لو كان والاس يمتلك مسودتي التي كتبتها عام 1842، لما كان بإمكانه أن يكتب ملخصًا أفضل!”.44

تُظهر حادثة والاس أن نظرية الانتخاب الطبيعي كانت فكرة “في الهواء”، ناضجة للاكتشاف، لكنها تسلط الضوء أيضًا على ما جعل مساهمة داروين فريدة وأكثر تأثيرًا، وهو ما يتضح في قصص من حياة تشارلز داروين. لم تكن الفكرة نفسها فقط، بل العقدان من الأدلة المنهجية والساحقة التي جمعها لدعمها. فوصول والاس بشكل مستقل إلى نفس الآلية الأساسية للتطور يشير إلى أن النظرية كانت استنتاجًا منطقيًا يمكن لأكثر من شخص الوصول إليه بناءً

على الأدلة المتاحة من الجيولوجيا (لايل) ودراسات السكان (مالتوس) والتاريخ الطبيعي العالمي.11 ورغم أن رد فعل داروين الأولي كان اليأس، إلا أن الحل الذي اقترحه لايل وهوكر – عرض مشترك – كان قائمًا على الاعتراف بعمل داروين المسبق والطويل.12 اعترف والاس نفسه لاحقًا بأن ورقته كانت مجرد “تكهن بارع”، في حين أن كتاب داروين، المدعوم بعشرين عامًا من البحث، “أحدث ثورة في دراسة التاريخ الطبيعي”.44 وبالتالي، فإن العبقرية الحقيقية لداروين لم تكن فقط في التوصل إلى الفكرة، بل في تفانيه الذي لا مثيل له في إثباتها. كان والاس هو الشرارة، لكن داروين كان قد بنى بالفعل نارًا هائلة من الأدلة.

5.4 حل السادة: الجمعية اللينية

لحل هذه المعضلة، وبتوجيه من صديقيه لايل وهوكر، تم التوصل إلى حل وسط يضمن حقوق كلا الرجلين، وهي لحظة دبلوماسية حاسمة في قصص من حياة تشارلز داروين. في 1 يوليو 1858، تم تقديم مقتطفات من مقالة داروين لعام 1844 ومراسلاته، جنبًا إلى جنب مع ورقة والاس الكاملة، في اجتماع للجمعية اللينية في لندن.12 كان الحدث نفسه هادئًا ولم يثر نقاشًا فوريًا يذكر، لكنه أثبت الاكتشاف المشترك للنظرية. والأهم من ذلك، أنه كان الحافز الذي دفع داروين أخيرًا إلى كتابة “ملخصه” – الكتاب الذي سيصبح “عن أصل الأنواع” ويغير العالم إلى الأبد.

6. هز العالم: نشر واستقبال “أصل الأنواع”

6.1 “الملخص”: كتابة تحفة فنية

بعد أن دفعه وصول ورقة والاس إلى العمل، تخلى داروين عن خطته لكتابة “كتاب كبير” وقضى 13 شهرًا في كتابة نسخة أقصر وأكثر سهولة للجمهور، وهي واحدة من أكثر الفترات إنتاجية في قصص من حياة تشارلز داروين.2 نُشر الكتاب بعنوان “عن أصل الأنواع عن طريق الانتخاب الطبيعي، أو الحفاظ على السلالات المفضلة في الكفاح من أجل الحياة” في 24 نوفمبر 1859، وأحدث ضجة فورية. بيعت الطبعة الأولى بأكملها، البالغة 1250 نسخة، في اليوم الأول من صدورها، مما يدل على الترقب والاهتمام الكبيرين بأفكاره.2

6.2 اندلاع العاصفة: ردود الفعل الفورية

أثار الكتاب جدلاً فوريًا وحادًا، وهو ما توقعته قصص من حياة تشارلز داروين السابقة. كانت ردود الفعل متباينة بشكل كبير. قدم علماء مثل ريتشارد أوين ردودًا مهذبة ولكنها ناقدة، بينما رفض آخرون مثل جون هيرشل الفكرة واصفًا إياها بـ “قانون الفوضى”.41 سرعان ما استغلت الصحافة التضمين المثير للجدل بأن “البشر من القرود”، وأدان رجال الدين العمل لاستبعاده الخالق الإلهي من عملية الخلق.41 وخلال كل هذا، بقي داروين في عزلته في “داون هاوس” بسبب مرضه، يراقب المناقشات من خلال المراسلات ويعتمد على دائرة من المدافعين المخلصين للقتال من أجل نظريته في الساحة العامة.41

6.3 “كلب داروين” والأسقف: مناظرة أكسفورد عام 1860

تجسدت المواجهة الأكثر شهرة حول النظرية في مناظرة عام 1860 في الجمعية البريطانية لتقدم العلوم في أكسفورد، وهي لحظة درامية في قصص من حياة تشارلز داروين.41 ضمت المناظرة شخصيات رئيسية: الأسقف البليغ والساخر صامويل ويلبرفورس، الذي تلقى تدريبًا من ريتشارد أوين، والمدافع الشرس عن داروين، عالم التشريح اللامع توماس هنري هكسلي، الذي اكتسب لقب “كلب داروين”.41 أصبح التبادل الأسطوري، حيث سأل ويلبرفورس هكسلي عما إذا كان ينحدر من قرد من جهة جده أو جدته، ورد هكسلي المدمر، محور الرواية.41 أضاف تدخل قبطان داروين القديم، روبرت فيتزروي، الذي لوح بالكتاب المقدس وأدان الكتاب، طبقة من المأساة الشخصية إلى القصة.41

لم تكن مناظرة أكسفورد نقاشًا علميًا بقدر ما كانت معركة عامة حول السلطة الثقافية للعلم مقابل الكنيسة، وهو ما يتضح عند تحليل قصص من حياة تشارلز داروين. كان غياب داروين الجسدي عن المناظرة عاملاً رئيسيًا، مما سمح للحدث بأن يتحول إلى صراع أيديولوجي يجسده هكسلي (ممثلاً للعلم العلماني المهني) وويلبرفورس (ممثلاً للمؤسسة الدينية).41 استخدم هكسلي “الداروينية” صراحة كأداة “للنضال ضد سلطة رجال الدين في التعليم”.41 كانت المناظرة مسرحية إلى حد كبير، وركزت على الخطابة والإهانات بدلاً من التقييم الرصين للأدلة. لذلك، لم تكن أهميتها في “إثبات” صحة داروين أو خطئه، بل في تنظيم صراع على السلطة علنًا. كانت لحظة رمزية في مهننة العلم وفصله عن الإشراف الديني، حيث كانت نظرية داروين هي ساحة المعركة، لكن الحرب كانت تدور حول من يملك الحق في تعريف المعرفة في العصر الفيكتوري.

7. الحيوان البشري: الأعمال اللاحقة والسنوات الأخيرة

7.1 الحجة غير المكتملة: تطبيق النظرية على البشرية

في “أصل الأنواع”، تجنب داروين عمدًا موضوع التطور البشري، باستثناء جملة واحدة مثيرة للفضول. لكن قصص من حياة تشارلز داروين لم تكتمل بدون مواجهة هذا الموضوع الشائك. في عام 1871، نشر كتابه الجريء “نشأة الإنسان، والانتخاب فيما يتعلق بالجنس”.15 في هذا العمل، طرح حججه الرئيسية بوضوح: أن البشر ينحدرون من شكل أقل تطورًا، ويتشاركون سلفًا مشتركًا مع القردة؛ وأن الخصائص البشرية مثل الذكاء والأخلاق هي نتاج التطور، وليست هدايا إلهية؛ وأن جميع الأجناس البشرية تنتمي إلى نوع واحد.49 كما ركز الكتاب بشكل كبير على الانتخاب الجنسي كقوة دافعة رئيسية في التطور البشري، مما قدم بُعدًا جديدًا لنظريته.49

7.2 عالم العاطفة وعالم الديدان

تُظهر قصص من حياة تشارلز داروين استمرار طاقته الفكرية التي لا تنضب حتى في سنواته الأخيرة. فبعد “نشأة الإنسان”، أكمل ثلاثيته التطورية بنشر “التعبير عن العواطف لدى الإنسان والحيوان” عام 1872، حيث جادل بأن العواطف وتعبيراتها هي أيضًا سمات متطورة وليست فريدة من نوعها للبشر.2 ثم، في شهادة على فضوله الدائم تجاه ما يبدو عاديًا، نشر كتابه الأخير عام 1881: “تكوين القالب النباتي من خلال فعل الديدان”. في هذا العمل، أظهر كيف أن هذه المخلوقات المتواضعة تشكل المشهد الطبيعي بشكل عميق على مدى الزمن الجيولوجي، مما يثبت أن القوى الصغيرة والمستمرة يمكن أن تحدث تغييرات هائلة.10

إن تركيز داروين في أواخر حياته المهنية على مواضيع تبدو “ثانوية” مثل العواطف والنباتات المتسلقة وديدان الأرض لم يكن تحولاً عن مساره، بل كان استراتيجية منهجية متعمدة، وهو ما تكشفه قصص من حياة تشارلز داروين. كان هدفه إظهار أن المبدأ العظيم للانتخاب الطبيعي يعمل على كل مستوى من مستويات العالم البيولوجي، من أصل البشرية وصولاً إلى التربة تحت قدميه. فبعد أن أرسى نظريته الكبرى في “أصل الأنواع” وطبقها على الحالة الأكثر تعقيدًا، وهي الإنسان، في “نشأة الإنسان”، تحولت أعماله اللاحقة إلى دراسات حالة مصممة لاختبار وإثبات القوة التفسيرية للتطور في سياقات محددة ومفصلة.1 كان عمله على بساتين الفاكهة يتعلق بالتطور المشترك والتكيف، وعمله على العواطف يتعلق بالجذور التطورية للسلوك. وكان عمله الأخير على الديدان هو التعبير النهائي عن مبدأ التوحيد للايل مطبقًا على علم الأحياء: إظهار كيف يمكن للقوى الصغيرة والمستمرة (الديدان) أن تنتج تأثيرات تراكمية هائلة (المشهد الطبيعي) على مدى الزمن السحيق. لقد كان مشروعًا فكريًا متعمدًا لتعزيز نظريته الرئيسية من خلال إظهار قوتها في كل ركن من أركان الطبيعة.

7.3 نهاية الحكيم: كنز وطني

في سنواته الأخيرة، أصبح داروين شخصية مبجلة وشبه أسطورية، وهي خاتمة ملائمة لـ قصص من حياة تشارلز داروين. بحلول سبعينيات القرن التاسع عشر، كانت نظريته في التطور عن طريق الأصل المشترك مقبولة إلى حد كبير من قبل المجتمع العلمي، حتى لو كان الانتخاب الطبيعي لا يزال موضع نقاش.48 ورغم أنه نادرًا ما غادر “داون هاوس”، إلا أن تأثيره امتد إلى جميع أنحاء العالم.51 توفي في 19 أبريل 1882، وفي لفتة تدل على قبوله النهائي في المؤسسة الوطنية، تم تكريمه بجنازة رسمية ودفن في كنيسة وستمنستر، بجوار السير إسحاق نيوتن، أعظم عالم في تاريخ بريطانيا.1

8. حياة من المعاناة والمثابرة

8.1 المرض الغامض

لا تكتمل قصص من حياة تشارلز داروين دون استعراض معاناته الطويلة مع المرض المزمن الذي أصابه بعد عودته من رحلة البيغل. لأكثر من 40 عامًا، عانى من أعراض منهكة: غثيان وقيء مستمر، آلام في الأمعاء، صداع، إرهاق شديد، مشاكل جلدية، وخفقان في القلب.52 حير مرضه الأطباء، وقد تم اقتراح العديد من التشخيصات بأثر رجعي، من داء شاغاس الذي ربما أصيب به في أمريكا الجنوبية، إلى عدم تحمل اللاكتوز أو الاضطرابات النفسية الجسدية.54 ورغم كل النظريات، يظل السبب الحقيقي لمرضه لغزًا حتى يومنا هذا.

8.2 السجن كملاذ

في ختام قصص من حياة تشارلز داروين، نجد مفارقة عميقة: مرضه، الذي كان مصدر معاناة شخصية هائلة، كان أيضًا عاملاً أساسيًا في إنجازاته الضخمة. أجبره المرض على حياة منعزلة في “داون هاوس”، مما حماه من الالتزامات الاجتماعية المستهلكة للوقت، والسياسات الأكاديمية، والجدل العام الذي شغل أقرانه.53 هذه العزلة، التي ولدت من المعاناة، خلقت بيئة فريدة من التركيز الشديد وغير المتقطع. لقد سمحت له بمتابعة مشاريعه البحثية الطويلة والمنهجية – ثماني سنوات على البرنقيل، وعقود على التطور – دون تشتيت. وهكذا، فإن حياته ليست قصة عبقري نجح على الرغم من مرضه، بل قصة أكثر تعقيدًا لعبقري تشكل أسلوب عمله الفريد، جزئيًا، بفعل القيود التي فرضها عليه مرضه. لم تكن معاناته عرضية لعظمته، بل كانت منسوجة في نسيجها.

Works cited

1. Charles Darwin | Research Starters – EBSCO, , https://www.ebsco.com/research-starters/history/charles-darwin
2. A Timeline of the Life of Charles Darwin | Christs College Cambridge, , https://www.christs.cam.ac.uk/timeline-life-charles-darwin
3. Charles Darwin | Biography, Education, Books, Theory of Evolution, & Facts | Britannica, , https://www.britannica.com/biography/Charles-Darwin
4. Darwin’s Early Life – New England Complex Systems Institute, , https://necsi.edu/darwins-early-life
5. Darwin timeline | Darwin Correspondence Project, , https://www.darwinproject.ac.uk/learning-resources/timeline
6. charles darwin & the galapagos islands – GoGalapagos, , https://gogalapagos.com/charles-darwin-galapagos/
7. Charles Darwin – The Origin of Species | Galapagos Islands, , https://www.galapagosislands.com/info/history/charles-darwin.html
8. Timeline of the life of Charles Robert Darwin, , https://darwin-online.org.uk/timeline.html
9. Down House – Wikipedia, , https://en.wikipedia.org/wiki/Down_House
10. About Darwin | Darwin Correspondence Project, , https://www.darwinproject.ac.uk/about-darwin
11. Charles Darwin: gentleman naturalist, , https://darwin-online.org.uk/darwin.html
12. Darwin in letters, 1858-1859: Origin, , https://www.darwinproject.ac.uk/letters/darwins-life-letters/darwin-letters-1858-1859-origin
13. Darwin and His Theory of Evolution | Pew Research Center, , https://www.pewresearch.org/religion/2009/02/04/darwin-and-his-theory-of-evolution/
14. First editions of Darwin’s Origin of Species – Circulating Now, , https://circulatingnow.nlm.nih.gov/2014/11/24/first-editions-of-darwins-origin-of-species/
15. en.wikipedia.org, , https://en.wikipedia.org/wiki/The_Descent_of_Man,_and_Selection_in_Relation_to_Sex
16. Charles Darwin (1809 – 1882) | Alumni Services | Alumni, , https://alumni.ed.ac.uk/services/notable-alumni/alumni-in-history/charles-darwin
17. What was Charles Darwin’s family life like? – Britannica, , https://www.britannica.com/question/What-was-Charles-Darwins-family-life-like
18. Childhood – Darwinarkivet.dk, , https://www.darwinarkivet.dk/en/introduction/charles-darwin/childhood/index.html
19. Charles Darwin – Wikipedia, , https://en.wikipedia.org/wiki/Charles_Darwin
20. necsi.edu, , https://necsi.edu/darwins-early-life#:~:text=For%20Darwin’s%20first%20few%20years,rather%20below%20the%20common%20intelligence.%22
21. Edinburgh – Darwinarkivet.dk, , https://www.darwinarkivet.dk/en/introduction/charles-darwin/education/edinburgh/index.html
22. Charles Darwin | Christs College Cambridge, , https://www.christs.cam.ac.uk/charles-darwin
23. Why did Darwin drop out of medical school? – Hektoen International, , https://hekint.org/2018/03/15/darwin-drop-medical-school/
24. Voyage of HMS Beagle – Darwin Correspondence Project |, , https://www.darwinproject.ac.uk/commentary/voyage-hms-beagle
25. Second voyage of HMS Beagle – Wikipedia, , https://en.wikipedia.org/wiki/Second_voyage_of_HMS_Beagle
26. Charles Darwin – Evolution, Natural Selection, Beagle Voyage …, , https://www.britannica.com/biography/Charles-Darwin/The-Beagle-voyage
27. The Voyage of the Beagle by Charles Darwin | Research Starters …, , https://www.ebsco.com/research-starters/literature-and-writing/voyage-beagle-charles-darwin
28. Charles Darwin and the Voyage of the Beagle – Interactive Map, , https://charles-darwin-beagle.webflow.io/
29. en.wikipedia.org, , https://en.wikipedia.org/wiki/Charles_Darwin#:~:text=Darwin%20was%20born%20in%20Shrewsbury,Wedgwood%20were%20both%20prominent%20abolitionists.
30. Historical significance – Galapagos Conservation Trust, , https://galapagosconservation.org.uk/about-galapagos/historical-significance/
31. Charles Darwin Biography, Facts & Accomplishments – Potters Wax Museum, , https://www.potterswaxmuseum.com/science/charles-darwin/
32. Charles Darwin’s Fancy – BioOne Complete, , https://bioone.org/journals/the-auk/volume-126/issue-3/auk.2009.1709/Charles-Darwins-Fancy/10.1525/auk.2009.1709.full
33. Darwin and working from home, , https://www.darwinproject.ac.uk/commentary/curious/darwin-and-working-home
34. The House Where Darwin Lived – Smithsonian Magazine, , https://www.smithsonianmag.com/travel/the-house-where-darwin-lived-4277158/
35. How to Experiment Like Darwin | AMNH, , https://www.amnh.org/explore/news-blogs/darwin-experimentation-methods
36. Darwin’s Other Bird—The Domestic Pigeon | Living Bird | All About …, , https://www.allaboutbirds.org/news/darwins-other-bird-the-domestic-pigeon/
37. Darwin and Fatherhood, , https://www.darwinproject.ac.uk/people/about-darwin/family-life/darwin-and-fatherhood
38. Ten facts about Charles Darwin’s ten children | OUPblog, , https://blog.oup.com/2013/11/ten-facts-about-charles-darwins-ten-children/
39. Charles Darwin and the Origin of Life – PMC – PubMed Central, , https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC2745620/
40. “Origin of Species” is published | November 24, 1859 | HISTORY, , https://www.history.com/this-day-in-history/november-24/origin-of-species-is-published-2
41. Reactions to On the Origin of Species – Wikipedia, , https://en.wikipedia.org/wiki/Reactions_to_On_the_Origin_of_Species
42. Letters from Ternate | The Alfred Russel Wallace Correspondence Project, , https://wallaceletters.myspecies.info/content/letters-ternate
43. The Original Papers by Charles Darwin and Alfred Wallace Read to the Linnean Society, London July 1st, 1858 – UBC Zoology, , https://www.zoology.ubc.ca/~bio336/Bio336/Readings/DarwinWallace.pdf
44. Alfred Russel Wallace | Darwin Correspondence Project, , https://www.darwinproject.ac.uk/alfred-russel-wallace
45. 1859: Darwin Published On the Origin of Species, Proposing Continual Evolution of Species, , https://www.genome.gov/25520157/online-education-kit-1859-darwin-published-on-the-origin-of-species-proposing-continual-evolution-of-species
46. Charles Darwin’s “On the Origin of Species” | Special Collections Spotlight, , https://www.brandeis.edu/library/archives/essays/special-collections/darwin.html
47. Darwin in America | Pew Research Center, , https://www.pewresearch.org/science/2019/02/06/darwin-in-america-2/
48. The Response To Darwin, , https://darwin200.christs.cam.ac.uk/response-darwin
49. The Descent of Man by Charles Darwin | Research Starters | EBSCO …, , https://www.ebsco.com/research-starters/history/descent-man-charles-darwin
50. darwin200.christs.cam.ac.uk, , https://darwin200.christs.cam.ac.uk/response-darwin#:~:text=Almost%20all%20scientists%20came%20to,were%20much%20less%20widely%20accepted.
51. Darwin’s Later Life – New England Complex Systems Institute, , https://necsi.edu/darwins-later-life
52. Darwin’s illness revealed – PMC, , https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC1743237/
53. Why Do We Obsess Over Charles Darwin’s Health? | Science …, , https://www.sciencehistory.org/stories/disappearing-pod/why-do-we-obsess-over-charles-darwins-health/
54. Darwin’s illness revealed – Ovid, , https://www.ovid.com/journals/pomej/pdf/00006609-200504000-00011~darwins-illness-revealed
55. Darwin’s health, , https://www.darwinproject.ac.uk/people/about-darwin/darwins-health